هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتــــــديــــــات القبـــــــابــــي
سياسي اجتماعي اسلامي ترفيهي رياضي ومنوعات آخرى
القبابــي/ أهلا وسهلا في كل أعضاء وزوار، في منتديات القبابــي مع تحيات القبابــي واتمنى ان يعجبكم
الجمعة, 08 نوفمبر2013**عابرون عائدون ** استشهاد شاب على حاجز جنوب شرق القدس ** الجمعة, 08 نوفمبر2013** استشهاد شاب فلسطيني على حاجز زعترة جنوب نابلس **
حتى حلول كارثة النكبة عام 1948 لم يكن الفلسطينيون قد حددوا ملامح استيعابهم لمكونات ومعنى فلسطين التاريخي، و الروحي، والفلسفي والقانوني، لأنهم ببساطة كانوا قبلها كأي شعب آخر غير فاقدين لمكونات وجودهم فيها .
وبالطبع لم يكن لدى العرب أيضا معنى لفلسطين يشكل كل هذا التميز و الفرادة التي يتمتع بها اسمها اليوم، وكانت فلسطين تشكل فقط ذلك البلد الجميل والمتطور ذو الحضارة العميقة والطبيعة الخلابة والاقتصاد المتطور عن محيطه و القابل لأن يحلموا بالإقامة والعمل فيه لكسب الرزق ، كما لم تكن تبعات سايكس بيكو قد نضجت بعد في ذهن الإنسان الفلسطيني أو العربي، كانت فلسطين لا زالت سوريا الجنوبية، وسوريا ليست سوى إقليم عربي ينظر إليه الجميع باعتباره ولاية من أرض ودولة العرب
من هنا لم يكن هناك ما يمكن تسميته بالشخصية أو الهوية الفلسطينية – كحالها اليوم –على الرغم من التميز الجزئي ، بحكم خصائص ومناخات محلية، لكنها تشترك بشكل عضوي مع المجموع المحيط الداني والقاصي، وتشكل بالتالي شخصية محلية متمايزة إلى حد ما و بسيط ، بدأ بالتغير التدريجي منذ لحظة الانتداب البريطاني الذي حمل في طياته خطر إمكانية العمل على تهيئة الأجواء السياسية وغيرها لخلق كيان استعماري بجهد دولي على ارض فلسطين يضم مجموعات المهاجرين المخدوعين من اليهود، وكانت هذه المسألة أشبه بالخيال ، لم يصدق العرب ومنهم الفلسطينيون أن هؤلاء المستوطنين قادرون على تحقيق شيء حتى لو قدم لهم العالم بأسره دعما حيويا ، وقد ثبت تاريخيا وعلى الأرض الواقع بأن ذلك كان سذاجة نادرة، دفع الفلسطينيون ثمنها خسارة أول بلد بني على وجه الأرض وقدم كل هذه الحضارة والفلسفة والمعرفة للبشرية جمعاء فسقط بطريقة دراماتيكية لم يحدث في التاريخ لها مثيلا.
كانت صدمة النكبة قاسية جدا حمَّل الفلسطينيون والعرب مسؤوليتها للنظام العربي المتآمر ، فقد قاتلوا بضراوة وشجاعة نادرة، وبنوا بسرعة هائلة هيئات سياسية متطورة عن المحيط حملت خطابا واعيا وصنعوا ثورات مهمة وحالات فريدة كالإضراب الذي استمر لستة أشهر عام 1936 والثورة التي لم يقم الفلسطينيون بتكليف عز الدين القسام بقيادتها من فراغ، وإنما لتكريس فلسطين كجزء من سوريا والأرض العربية، وقد ذكر صهاينة عدةمنهم الإرهابي بن غوريون بأن عرب فلسطين أصبحوا خطرين ، منذ استوعبوا اللعبة عام 1936
اعتبر الفلسطينون أنفسهم سذجاً مع حلول النكبة، ، و لاموا أنفسهم لعدم استيعابهم عظمة وقوة الهجمة وتأسيس النظام العربي الجديد الذي لازال قائما إلى اليوم على أنقاض تاريخهم ومدنهم ، لهذا انتشرت مقولات الحقد على هذا النظام عند العامة والشتائم والسباب طال حتى رموزا دينية منافقة كانت تحظى بعباءة الخديعة، ومن جهته رد النظام العربي على ذلك ولازال بتشويه الحقيقة ودعم إسرائيل الناجزة من خلال محاربة المقاومة و بث أجهزة مخابراته لفكرة بيع الفلسطينيين لأرضهم ، وهو أمر لم يحدث فعلا، خصوصا أن إسرائيل مع كل التقدمات المجانية التي نفذتها بريطانيا والمصادرات والتلاعب بالأوراق والمستندات والحقائق لم تكن تملك عام 1948 سوى 7.8 % من أرض فلسطين فكيف باع الفلسطينيون وطنهم إذن؟
فقدان الوطن جعل من الإنسان الفلسطيني مصدوما والعربي البعيد والقريب يائساً ومستشعرا لتحمله مسؤولية ما، أما الفلسطيني الذي يجلس تحت المطرقة لاجئا خارجها أو مقيما تحت حراب دولة النازية العنصرية الصهيونية التي تنطق باسم الرب الوهمي فقد قرر دفع أي ثمن لاسترجاع وطنه وصارع إسرائيل وتوابعها من الأنظمة العربية والعالمية ، فحمل السلاح وأعاد تفكيك وتركيب شخصيته الوطنية ومؤسساته بسرعة أذهلت العالم وفي ظروف مستحيلة، حتى ظهرت منظمة التحرير الفلسطينية التي بلورت الشخصية الوطنية من جديد وجعلت لفلسطين معنى آخر يختلط فيه الحضاري بالديني بالتاريخي بالرومانسي، وصارت تضحية الفلسطيني في سبيل وطنه ليست واجبا فحسب وإنما حالة رومانسية عالية الجمالية، حتى أضحى السلاح الفردي البسيط عنوانا للشخصية الوطنية الفلسطينية، من هنا وكما نشط الفلسطينيون والجماهير العربية لتحرير فلسطين، نشطت العالم وإسرائيل بمحاولة سحقها وشارك النظام العربي بقوة في ذلك حتى صار الكرسي في الذهن الفلسطيني عدوا كإسرائيل،
في حين نشط الأدب والفن في ترسيخ أسطوري تماثل مع قتال أسطوري وصمود من جميع المشتتين داخل فلسطين وخارجها وبدعم قوي من الشارع العربي برمته وأحرار العالم، وما تلك النزعة – الفلسفة - عند كنفاني ودرويش وتوفيق زياد وسميح القاسم وجبرا وغيرهم سوى تعبير وترسيخ عميقين لذلك، فقد أظهرت القصائد والآداب والفنون مدى الصلة الالتصاقية بين الفلسطيني وبندقيته، حتى تحولت الصورة الفوتوغرافية التي تلتقط للذكرى لا تخلو من ترصيع لشكل البندقية أو الطلقة،
كان التاريخ القريب السابق قد دون مدى ارتباط الإنسان البسيط بالتضحية الهادفة، خصوصا بعد صدمة الإعدام ذي الشكل الميثيولوجي الذي اتخذه وتحديدا لحظة إعدام محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير على يد الإنكليز فقد تسابق كل محكوم للتنفيذ في مشهد مسرحي عال ، فتحول شكل الإعدام ومعناه من معاقبة لمناهضين للاحتلال إلى بطولة نادرة خلقته شجاعة الثلاثة الذين لا زال الفلسطينيون يسمون الشوارع باسمائهم و يغنون لهم ويقدسون أسماءهم حتى اللحظة، في لحظة الإعدام تلك برزت فلسفة عربية وفلسطينية جديدة وخرج العربي من خنوعه وذله بشكل عام، فخلق الشهداء الثلاثة معنى جديدا وفهما عميقا للنضال والوطن والفكرة
تلك كانت لحظة إرهاص عميق، لكنها لم تصبح عامة شاملة إلا بعد النكبة، فقبلها كان الفلسطيني غير مصدق لإمكانية أن يستولي اليهود على البلاد ، بل كان الفلسطينيون ينظرون الى اليهودي بشكل عام باعتباره مسكينا بسيطا، ولم يكن يتوقع أو يصدق حتى ذاك أن اليهودي الفلسطيني والعربي نفسه سوف يخون وطنه و شعبه ويقف مع العصابات الصهيونية، لكن (طوطم الرب) كان أقوى من وطنية اليهودي العربي فخان وطنه لصالح وهم الرب والميعاد ولصالح القوى الاستعمارية، لكن وعلى الرغم من ذلك لم يتحول الفلسطيني بالمقابل إلى عنصري متقوقع دينياً، على الرغم من إيمانه، وهو ما يمثل وعيا عاليا فقد سعت إسرائيل لنشر ذلك ايمانا منها بأن أي خطاب ديني عنصري يخدم وجودها ويبرر الفكرة الصهيونية المنطلقة من مفهوم وعد الرب ،
لم تكن التركيبة المعقدة للشخصية الفلسطينية القائمة اليوم لتكون لولا الصدمة التاريخية التي ولدتها النكبة، فقد ولد الشعور بالسذاجة والخديعة شعورا بالنقص، لهذا سعى الفلسطينيون إلى التعلم والتثقف ونهض في مختلف المجالات حتى باتوا في زمن قياسي من الشعوب الأولى عالميا في مجالات الثقافة والفن والعلم والصناعة والاقتصاد لقد صنعت خديعة النكبة من الفلسطيني البسيط شخصا آخر، وتعلم الجميع أن لحظة الغفلة قد تكون كارثية ومن هنا تظهر الحساسية المفرطة للفلسطيني عند التعرض لوطنه أو انتمائه والتي يفهمها البعض على أنها عنصرية، وما هي في الواقع إلا رد فعل على طريقة ومعنى ضياع الوطن،
الفلسطيني والمكان – الذاكرة أصبحا مرتبطين بصورة تبدو غريبة أحيانا وكأنها عشق مرضي أعمى، إذ يجري الخلط بين الفقدان والحسرة ومكونات وطبيعة القرى والمدن المفقودة، مما شكل حالة فريدة صالحة للبحث العميق في تصور المكان ذهنيا ،قد يكون هذا مفهوما للاجئين الذين ورثوا الحنين إلى حجارة مدنهم وقراهم أما بالنسبة للمتبقين صامدين هناك " في مناطق 48" فهو أمر صعب الفهم حقاً وفريد تاريخيا، هو يعيش في القرية التي يفترض أن يعاني فيها و يملها ويراها عادية لارتباطها بحياته اليومية والآنية، لكنه و بغرابة يقدسها كأنها جنة أرضية عليا، تلك مأثرة وحالة نادرة، فالبشر عادة يقدسون المكان عندما يبتعدون عنه لارتباطه بالذاكرة و الأشخاص والطفولة ، وقد شكل هذا صدمة للنظرية والمشروع الصهيوني تحديدا من الصامدين في الداخل، بل عقدة نفسية وفكرية إيديولوجية لكيان الاحتلال، ولهذا ينظرون إليهم باعتبارهم القوة المندسة الخطيرة في الداخل لتدمير إسرائيل،ولا يستطيعون فهمهم إلا بوصفهم خطرا قادما على الدولة
المهم في وصول الشخصية الفلسطينية إلى هذه الفرادة الحفاظ على الوحدة العضوية فالحدود والمخيمات واختلاف الشكل الإداري وحتى بطاقة الهوية لم يكن عائقا أمام وحدة الهدف والمصير بمعزل عن أي انتماء ، لهذا ترحب الصهيونية بكل خرافات النفاق التي ترتدي عباءة الدين لأن ذلك يجعل من فلسطين وشعبها مقولات متوهمة غير واقعية ويبرر في الوقت ذاته العقلية الصهيونية كما ينسف الشخصية والهوية الفلسطينية واستنادها إلى التاريخ المنطق والقانون والواقع.